قليلنا كثير وكثيرنا ليس واحداً...
في انتظار الحرب كلّ شيءٍ آنيّ والضوء مسألة نظر. في الحرب تخلع الأشياء معناها وترتدي الانتظار. والانتظار غيبوبة تسرقك من الآن وتهبك للترقب فتحيا على أرجوحة الربما بين ماضٍ وغد. نحن اللاجئون نصبنا فوق حبال الأرجوحة خيمتنا ورحنا في الظل نراوح.
قبل أربع وستين سنة عشنا ما نكرّره اليوم وانتثرنا في البلاد غبارَ طلعٍ بمورثات ذاكرة. حملنا الوطن حكايا وامتزجنا بتراب شقيق لتأتي ذاكرة هجينة. كلّ وريحه. فمنّا الفلسطيني السوري والأردني واللبناني والمصري والليبي فالأشقاء كثر. وهناك فلسطينيو المهجر. كما لم يقتصر الانتشار على التصنيف المكاني. للزمان نقشه أيضاً والتاريخ شواهد. ”48“ و”67“ تتكاثر الخيمة بالانقسام على عكس المصائب. البوصلة ترفع عن ساقيها جناحي الخيمة وتركض عكس الوقت والذكريات. من لا يعتبر من التاريخ أيامه مرايا؟ هلال الأرجوحة شب على شكل قوس شد حبلها ورمى سكان الخيمة سهماً. كان علينا ألا نهمل باب الخيمة الخلفي. السهم لا يعرف الوجهة والرامي خفيّ! والآن نحو المنافي فوق قوارب مثقوبة كثقتنا بالآخرين. أو بين صفحات مزورة لجوازات سفر نواصل التبعثر، فكيف يأتي المطر؟
تحت شمس السؤال يشكو لي صديقي المسرحي، وهو من فلسطينيي الأردن، فيقول: مسرحنا متردي، لازالوا إلى الآن يختلفون على الاسم. (المسرح الفلسطيني) أم (مسرح من فلسطين)؟ للأسماء سطوة على الأشياء. تبلورها وتحمل عنها ثقل معناها. ثمة من يسبح خارج سور المفردات. . . في الشتات. يا صديقي لا خلاف، قليلنا كثير وكثيرنا ليس واحداً. كلّنا ممثلون عن فلسطين وكلٌّ منّا من صوب. دولة يظلل شعبها أعلام الكرة الأرضية كيف سيكفيهم علم؟